جعلتني أحب المرض د. محمد رشيد العويد زوجي الحبيب هل يمكن لإنسان أن يحب المرض؟ لعلك تجيبني قائلاً: لا يمكن لإنسان أن يحب المرض الذي يسلبه العافية والصحة ويجلب له الآلام والأوجاع! لكني أقول لك إنك جعلتني أحب المرض! هل تعرف لماذا؟ لأنني أحسست ، ولأول مرة ، بقربك ، وعطفك ، وحنانك . جلوسك جانبي وأنت ترقيني بأدعية الاستشفاء ثم تمسح بها على رأسي جعلني أشعر بتيار جميل دافئ يسري في كياني كله . نظراتك القلقة علي ، وكلماتـك التي توصيني فيها بتناول الدواء ، كانت تملأ قلبي فرحاً وسعادة . ولن أنسى ما قلته لأحد أصدقائك ، عبر هاتفك النقال ، وأنت تعتذر عن زيارتهم في الديوانية تلك الليلة: (لن أستطيع أن آتي اليوم .. زوجتي مريضة ويجب أن أبقى قريباً منها). لم أستطع إخفاء ابتسامتي ، فقد جعلني إيثارك البقاء قربي على الذهاب إلى الديوانية .. جعلني أنتشي بهجة وسروراً . حتى الفاكهة التي قشّرتها لي ، وقطّعتها بالسكين قطعاً صغيرة ، وصرت تضعها في فمي بيدك ، كان لها طعم لذيذ آخر . وعلى الرغم من إشفاقي على طفلينا الصغيرين حين نهرتهما لأنهما أصدرا أصواتاً عالية في لعبهما ، فإن كلماتك لهما أسكرتني: (العبا بهدوء وإلا أعدتكما إلى غرفتكما .. أمكما مريضة ويجب أن ترتاح حتى تُشفى). أما سحبك اللحاف لتغطيني به ، وطبعك قبلة على جبيني ، بعد أن أغمضتُ عيني وحسبتَ أنني نمت ، فقد أثار فيَّ مشاعر وأحاسيس لا يمكن وصفها لأنني لا أجد الكلمات التي أعبر بها عن الحب التي تفجر في قلبي نحوك . أليس لي ، بعد هذا كله ، أن أحب المرض الذي كشف لي صدق حبك لي ، وشدة عطفك علي؟! أليس لي أن أشكر الله الذي أمرضني فعرفت كم أنا أثيرة لديك ، وعزيزة عليك ؟!