تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم
تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الحجر: 88]
تواضع المنتصر!
في يوم فتح مكة دخل جيش المسلمين مكة فاتحًا منتصرًا دون أي مقاومة تذكر.. توجهت الأنظار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغت قلوب المشركين حناجرهم من شدة خوفهم مما سيفعل بهم الرسول صلى الله عليه وسلم الذي آذوه وأصحابه
فإذا به صلى الله عليه وسلم يدخل مكة وقد ركب ناقته، ويقرأ سورة الفتح، وكان قد حنى ظهره وطأطأ رأسه تواضعًا لله، حتى إن طرف لحيته ليكاد يمس رحله خضوعًا لله وشكرًا له على ما أكرمه الله به من الفتح المبين
وفي ذلك اليوم جاء رجل ليكلم النبي صلى الله عليه وسلم وقد ظن أنه واقف أمام ملك من ملوك الأرض المنتصرين فهاله الموقف، وأخذته رعدة من هيبة موقفه صلى الله عليه وسلم ؛ فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن هدَّأ روع الرجل وقال له قولته الشهيرة: «هوِّنْ عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَسْتُ مَلِكًا، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ تَأْكُلُ القَدِيدَ [اللحم المجفف]» (رواه ابن ماجه)
فبيَّن للرجل أنه ليس بمَلِك، وذكر له ما كانت تأكله أمه لبيان أنه رجل منهم، وليس بمتجبر يُخاف منه، فأي تواضع يحمله قلب النبي صلى الله عليه وسلم؟!
كان صلى الله عليه وسلم خافض الجناح للكبير والصغير، والأهل والأصحاب، والقريب والبعيد، حتى العبد والجارية، فالكل في نظره سواء، لا فضل لأحد على أحد إلا بالعمل الصالح؛ وتزخر سيرته صلى الله عليه وسلم بالكثير من المواقف والدلائل التي تشهد على تواضعه صلى الله عليه وسلم مع الناس على اختلاف أحوالهم.
قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ النَّاسُ قِيَامًا؛ فَلْيَتَبَوَّأْ مِقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». (رواه أحمد).
هل التواضع ينافي اعتزاز المسلم بنفسه ودينه؟
تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته
كان صلى الله عليه وسلم يشارك في خدمة أهله في البيت؛ ولم يكن يترفع عن ذلك؛ فقد سَأَلَ رَجُلٌ السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها: «هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا؟»
قَالَتْ: «نَعَمْ كَانَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِه» (رواه أحمد).
نعم.. إنه الخلق النبوي الكريم، فلم يكن صلى الله عليه وسلم - رغم علو قدره ومنزلته - يأنف أن يقوم بإصلاح نعله، وخياطة ثوبه، بل كان صلى الله عليه وسلم يشارك أهله في البيت ويقوم بتدبير شئون نفسه دونما ترفع أو كبر.