( وَيْلٌ ) أي: وعيد، ووبال، وشدة عذاب ( لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) الذي يهمز الناس بفعله، ويلمزهم بقوله، فالهماز: الذي يعيب الناس، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل، واللماز: الذي يعيبهم بقوله. ومن صفة هذا الهماز اللماز، أنه لا هم له سوى جمع المال وتعديده والغبطة به، وليس له رغبة في إنفاقه في طرق الخيرات وصلة الأرحام، ونحو ذلك، ( يَحْسَبُ ) بجهله ( أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ) في الدنيا، فلذلك كان كده وسعيه كله في تنمية ماله، الذي يظن أنه ينمي عمره، ولم يدر أن البخل يقصف الأعمار، ويخرب الديار، وأن البر يزيد في العمر. ( كَلا لَيُنْبَذَنَّ ) أي: ليطرحن ( فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ ) تعظيم لها، وتهويل لشأنها. ثم فسرها بقوله: ( نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ) التي وقودها الناس والحجارة ( الَّتِي ) من شدتها ( تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدَةِ ) أي: تنفذ من الأجسام إلى القلوب. ومع هذه الحرارة البليغة هم محبوسون فيها، قد أيسوا من الخروج منها، ولهذا قال: ( إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ) أي: مغلقة ( فِي عَمَدٍ ) من خلف الأبواب ( مُمَدَّدَةٍ ) لئلا يخرجوا منها كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا . [ نعوذ بالله من ذلك، ونسأله العفو والعافية ] .
منقول من
تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)